تتعدّد مظاهر الرحمة و التقرب إلى الله خلال رمضان، ومن ضمن ذلك ما يطلق عليه اسم مائدة الرحمن وهى موائد الإفطار التي تنصب في رمضان وقت الفطور للصائمين مجاناً، كنوع من العمل التكافلي في رمضان الذي صار طقساً دائماً في الشهر الكريم وأيضاً في يوم عرفة.
ويُعتقد أن مبتكر هذا الطقس قد أطلق عليه مائدة كما جاء في سورة المائدة واختير اسم «الرحمن» من أسماء الله الـ99 لتأكيد أن هذا الطقس يحض على التراحم بين المسلمين.
وتعد موائد الرحمن من أبرز مظاهر التكافل الاجتماعي الذي تميّز الشهر الكريم عن باقي شهور السنة. وتتفاوت الأطباق المقدمة من خلال موائد الرحمن ما بين الأحياء الراقية والأحياء الشعبية. أولى موائد الرحمن كانت في عصر الرسول لأهل الطائف الذين أعلنوا إسلامهم ثم كانت دار الضيافة التي أقامها عمر بن الخطاب في 71 هجرية، ثم أصبحت موائد الرحمن أكثر انتشاراً على مر العصور.
فأقام أحمد بن طولون أولى موائد الرحمن فى مصر فى السنة الرابعة لولايته، حيث جمع القادة والتجار والأعيان على مائدة حافلة فى أول أيام رمضان وأخبرهم بأن هذه المائدة ستستمر طوال أيام الشهر الكريم.
ومع مرور الزمن اختفى هذا الطقس المحمود، حتى عاد الخليفة الفاطمى المعز لدين الله، وأقام مائدة فى شهر رمضان يفطر عليها أهل جامع عمرو بن العاص وكان يخرج من قصره 1100 قدر من جميع ألوان الطعام لتوزع على الفقراء، وسُميت «دار الفطرة»، ووصل طول بعضها إلى 175 متراً.
ثم انتشرت موائد الرحمن إلى جميع دول الوطن العربي، ويحرص الأغنياء من الناس على إقامة موائد الرحمن لإطعام الفقراء، كما تقوم المساجد بذلك، وتقام أيضاً موائد للسحور للصائمين الذين قد لا يستطيعون الوصول إلى بيوتهم قبل انطلاق أذان الفجر.
