الحمد لله رب البريات ، عالم الخفيات ، المطلع على الضمائر والنيات ، أحمده سبحانه على ما خصنا به من جلائل النعم ، وأشكره على ما حبانا به من ألوان الجود وصنوف الكرم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد : فإن شهر رمضان شهر خير وبر وإحسان ، وهو زمن فاضل , وهذا الفضل يسري على الأعمال الصالحة التي تؤدى فيه ، والنفوس تنشط في هذا الشهر عن غيره من الشهور ، لتصفيد الشياطين فيه , ولكثرة من يقبل على الله في هذا الشهر العظيم , وأبواب الخير كثيرة في رمضان وفي غيره , ولكنها تتأكد في رمضان , ومن هذه الأعمال :
الإخلاص :
قال تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) البينة / 5
تجديد التوبة لله تعالى :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه " أخرجه مسلم ( 3-27 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه
- قيام ليلة القدر إيمانا واحتساباً :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري (38) ؛ ومسلم (759) .
الاجتهاد في العشر الأواخر :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر أحيا ليله ، وأيقظ أهله ، وشد مئزره . رواه البخاري (2024) ومسلم (1174) عن عائشة رضي الله عنها .
- الاعتكاف :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر في رمضان . رواه البخاري ( 2025 ) ، ومسلم (1171) من حديث ابن عمر .
المحافظة على صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف :
روى أبو داود (1370) وغيره من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة " . وصححه الألباني في "صلاة التراويح" (ص:15) .
- تعجيل الفطر :
قال صلى الله عليه وسلم " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " أخرجه البخاري (1957) ، ومسلم (1098) من حديث سهل بن سعد .
الإفطار على تمر إن وجد :
قال صلى الله عليه وسلم : " إذا كان أحدكم صائماً فليفطر على التمر فإن لم يجد التمر فليفطر على الماء ، فإن الماء طهور " صححه الألباني في صحيح الجامع (746)
المحافظة على الدعاء بعد الإفطار :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر يقول : " ذهب الظمأ وابتلت العروق ، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى " أخرجه أبو داود والدارقطني والحاكم ، من حديث ابن عمر , وحسنه الألباني في "الإرواء" (920) .
.
حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب :
قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها " أخرجه مسلم (2734) من حديث أنس
الصمت وحفظ اللسان إلا من خير :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فيقل خيراً أو ليصمت " رواه البخاري (647) ومسلم (47) من حديث أبي هريرة .
قال صلى الله عليه وسلم : " من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " أخرجه البخاري . (1903) .
وقال صلى الله عليه وسلم : " ليس الصيام من الأكل والشرب , إنما الصيام من اللغو والرفث , فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل : إني صائم , إني صائم " أخرجه ابن خزيمة وابن حبان , وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1082) .
التبكير إلى المسجد , وانتظار الصلوات :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول , ثم لم يجدوا إلى أن يستهموا عليه لاستهموا " . رواه البخاري ومسلم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه , لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة " رواه البخاري (477) ومسلم (649) .
وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ " قالوا : بلى يا رسول الله . قال : " إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد , وانتظار الصلاة بعد الصلاة , فذلكم الرباط , فذلكم الرباط " . رواه مسلم (251) .
الحرص على إطعام الطعام في هذا الشهر :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير ؟ قال : " تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف " رواه البخاري (12) ومسلم (39) .
وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام " أخرجه الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (3/24) (2697) وهذا لفظ ابن ماجة .
وكان الزهري يقول إذا دخل رمضان : إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام . "لطائف المعارف" لابن رجب (318) .
تفطير الصائمين إما بإعداد طعام لهم في البيت , أو إرسال الطعام لهم في المساجد أو في أماكنهم التي يجتمعون فيها :
قال صلى الله عليه وسلم " من فطر صائماً كان له مثل أجره ، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً " أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1078) من حديث زيد بن خالد .
الصدقة والإنفاق في سبيل الله :
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) البقرة / 254 .
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب , ولا يقبل الله إلا الطيب , فإن الله يقبلها بيمينه , ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه , حتى تكون مثل الجبل " . رواه البخاري (1410) ومسلم (2/702) .
والفلُوّ هو المهر أي الحصان الصغير .
وعن عدي بن حاتم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان , فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم , فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم , فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه , فاتقوا النار ولو بشق تمرة " رواه البخاري (7512) ومسلم (2/703) .
التنسيق مع التجار وأصحاب المحلات لشراء ملابس وما يحتاجه الفقراء لتوزيعها عليهم خلال شهر رمضان :
قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة / 2 ، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الخازن الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملا مُوَفَّرًا طيبة به نفسه , حتى يدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدِّقَيْن " رواه أبو داود , وصححه الألباني في "صحيحه" (1476) .
ترتيب كلمات تلقى خلال شهر رمضان إما بإعدادها وإلقاءها _ إن كان الإنسان مؤهلا لذلك _ وإما بدعوة أحد الدعاة :
قال صلى الله عليه وسلم : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا " رواه مسلم ( 2674 ) .
إخراج زكاة الفطر في آخر رمضان :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين ، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " أخرجه أبو داود وجسنه الألباني في صحيح الترغيب ابن داود ( 1420 ) .
